Jumat, 17 Juni 2011

الشرب والأكل قياما؛ بين النهي والتجويز


شرب القائم بين النهي والتجويز
النهي عن الشرب قائما
·       عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يشرب الرجل قائما، قال قتادة فقلنا فالأكل؟ قال ذاك أشرّ أو أخبث.[1] وفي الرواية عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري.
الرخصة فيه قائما
·       عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم. قال عاصم فحلف عكرمة ما كان يومئذ إلا على بعير.[2] وفي رواية عن ابن ماجه، "فحلف بالله ما فعل". أي ما شرب قائما، لأنه كان حينئذ راكبا.
·       وعن علي كرم الله وجهه أنه أتى على باب الرَّحَبة[3] بماء فشرب قائما فقال إن ناسا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم وإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت.[4]
·       وعن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن جدة له[5] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خل عليها وعندها قِربة معلَّقة.[6] فشرب منها وهو قائم. فقطعت فمَ القربة تبتغي بركة موضع في رسول الله صلى الله عليه وسلم.[7]
·       وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.[8]

مسالك العلماء في فهم هذه الأحاديث
بيّن الحافظ ابن حجر في الفتح، ثلاثة مسالك:

1.     الترجيح، وأن أحاديث الجواز أثبتُ من أحاديث النهي، وهذه طريقة أبي بكر الأثرم، فقال حديث أنس رضي الله عنه -يعني في النهي- جيد الإسناد، ولكن قد جاء عنه خلافُه -يعني في الجواز- قال ولا يلزم من كون الطريق إليه في النهي أثبتَ من الطريق إليه في الجواز أن لا يكون الذي يقابله أقوى لأن التثبت قد يروي من هو دونه الشيئَ فيرجح عليه. روي أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم كانوا يشربون قياما.[9] قال محمد الشيباني: وبهذا نأخذ. لا نرى بالشرب قائما بأسا. وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.[10]

2.     دعوى النسخ، يعني أن أحاديث النهي منسوخة بأحاديث الجواز بقرينة عمل الخلفاء الراشدين ومعظم الصحابة والتابعين رضي الله عنهم بالجواز.[11] وخالف ابن حزم المنسوخ حيث قال: الأصلُ إباحة الشرب على كل حال من قيام وقعود واتكاء واضطجاع، فلمّا صح نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائما كان ذلك بلا شك ناسخا للإباحة المتقدمة، ومحال مقطوع أن يعود المنسوخ ناسخا ثم لا يبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.[12]

تنبيه: وانتقد النووي على من قال بالنسخ حيث قال: وأما من زعم نسخا أو غيره فقد غلط غلطا فاحشا وكيف يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع بين الأحاديث لو ثبت التاريخ وأنى له بذلك والله أعلم.[13]

3.     الجمع بين الخبرين بضرب من التأويل، يعني حمل أحاديث النهي على كراهة التنـزيه، وأحاديث الجواز على بيانه،وهذا أحسن المسالك وأسلمها وأبعدها من الاعتراض، لأنه لو كان جائزا ثم حرّمه أو كان حراما ثم جوّزه لبيّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بيانا واضحا.[14]

أمّا حلف عكرمة بالله -كما ذكره البخاري وابن ماجه- على أنه صلى الله عليه وسلم ما شرب قائما لكونه صلى الله عليه وسلم حينئذ راكبا فلعّله أنكر شربه قائما لنهيه عنه.[15] لكن ثبت عن علي أنه صلى الله عليه وسلم شرب قائما، وثبت أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه صلى الله عليه وسلم يشرب قاعدا وقائما. فيحمل على الجواز. الله أعلم...والحمد لله رب العالمين 


[1] مسلم، صحيح مسلم، (بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الرابعة، 1427ه)، رقم 2024، 2025، 2026. وأبو داود، سنن أبي داود، (بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الثالثة، 1428ه)، رقم 3717. والترمذي، سنن الترمذي، (بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1427ه)، رقم 1879، 1880. وابن ماجه، سنن ابن ماجه، (بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1425ه)، رقم 3424.
[2] البخاري، صحيح البخاري، (بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الخامسة، 1428ه)، رقم 1637، 5617. ومسلم، صحيح مسلم، رقم 2027. والترمذي، سنن الترمذي، رقم 1882. والنسائي، سنن النسائي، (بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1426ه)، رقم 2961، 2962. وابن ماجه، سنن ابن ماجه، رقم 3422.
[3] الرَّحَبَة هي رحبة مسجد الكوفة وهو المكان الواسع أمام بابه.
[4] البخاري، صحيح البخاري، رقم 5615، 5616. وأبو داود، سنن أبي داود، رقم 3718.
[5] يقال لها كبشة الأنصارية.
[6] القربة بكسر القاف هي ظرف من جلد يُخرَز من جانب واحد وتستعمل لحفظ الماء أو اللبن ونحوهما. انظر المعجم الوسيط، مآدّة "قرب" ثم "القِربة"، ص723.
[7] ابن ماجه، سنن ابن ماجه، رقم 3423.
[8] الترمذي، سنن الترمذي، رقم 1883.
[9] العسقلاني، فتح الباري، (القاهرة: دار الحديث، 1424ه)، ج10، ص97.
[10] مالك بن أنس، الموطأ برواية الشيباني، (دمشق: دار القلم، الطبعة الأولى، 1413ه)، رقم 880
[11] العسقلاني، فتح الباري، ج10، ص97.
[12] ابن حزم، المحلى، (بيروت: دار الأفاق الجديدة، د.ت)، ج7، ص520.
[13] النووي، شرح صحيح مسلم، (القاهرة: دار الحديث، الطبعة الأولى، 1415ه)، ج7، ص216.
[14] العسقلاني، فتح الباري، ج10، ص97.
[15] العسقلاني، فتح الباري، ج3، ص559.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar