Jumat, 17 Juni 2011

مراحل تشريع الصيام


بسم الله الرحمن الرحيم


                اختلف فيه العلماء، فممن نفاه ابن جرير الطبري والشافعية؛

قال ابن جرير رضي الله عنه حين يفسر الآية "أياما معدودات" وهي أيام شهر رمضان، "وذلك أنه لم يأت خبرٌ تَقوم به حُجة بأنّ صومًا فُرِض على أهل الإسلام غيرَ صوم شهر رمضان، ثم نسخ بصوم شهر رمضان"، إلى قوله، "فمن ادعى أن صومًا كان قد لزم المسلمين فرضُه غير صوم شهر رمضان الذين هم مجمعون على وجوب فرض صومه -ثم نسخ ذلك- سُئل البرهانَ على ذلك من خبر تقوم به حُجة، إذ كان لا يعلم ذلك إلا بخبر يقطع العذرَ".[1]

وقال ابن حجر العسقلاني رضي الله عنه، "ذهب الجمهور -وهو المشهور عند الشافعية- إلى أنه لم يجب قط صوم قبل صوم رمضان."[2] أما الدليل الذي اعتمد عليه الشافعية فما رواه مالك بسنده إلى معاوية رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهذا اليوم أي -عاشوراء-، هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه، أنا صائم، ومن شاء فليصم ومن شاء فليفطر.[3] فبهذا استدلوا على عدم وجوب صوم عاشوراء قبل رمضان ولا بعده.

وأثبته شهاب الدين القرافي رضي الله عنه من المالكية بدلالة قوله، "واختلف في أول صوم وجب في الإسلام فقيل عاشوراء وقيل ثلاثة أيام من كل شهر، ثم نسخ برمضان".[4]  ثم اختلفوا في تحديد ذلك الصيام على القولين؛

1 .                 يوم عاشوراء

ومن أدلتهم حديث عائشة رضي الله عنها قالت، كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه.[5] قال ابن بطال رضي الله عنه ؛ "دل حديث عائشة على أن صومه كان واجبًا قبل أن يفرض رمضان، ودل أيضًا أن صومه قد رد إلى التطوع بعد أن كان فرضًا".[6]

2.                 ثلاثة أيام من كل شهر
إليه ذهب عطاء رضي الله عنه مستدلا بقوله تعالى؛ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ؛ البقرة. قال كان عليهم الصيامُ ثلاثة أيام من كل شهر، ولم يُسمِّ الشهرَ أيامًا معدودات. قال؛ وكان هذا صيام الناس قبل، ثم فرض الله عز وجل على الناس شهرَ رمضان.[7]

صيام رمضان
مراحل فرض صيام رمضان

                قال ابن قيم؛ كان للصوم رُتَبٌ ثلاث، إحداها إيجابُه بوصف التخيير. والثانية تحتُّمه، لكن كان الصائمُ إذا نام قبل أن يَطْعَمَ حَرُمَ عليه الطعامُ والشرابُ إلى الليلة القابلة، فنُسِخ ذلك بالرتبة الثالثة، وهي التي استقر عليها الشرعُ إلى يوم القيامة.[8]

                دليل الرتبة الأولى قوله تعالى؛ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)؛ البقرة. روى البخاري بسنده إلى ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد رضي الله عنهم: نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم.[9]

                ودليل الرتبة الثانية والثالثة عن البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد رضي الله عنهم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها أعندك طعام؟ قالت لا، ولكن أنطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عيناه، فجاءته امرأته فلما رأته قالت خيبةً لك، فلما انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فنزلت هذه الآية أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُم (187)؛ البقرة. ففرحوا بها فرحا شديدا ونزلت وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ.[10]


المراجع
·       ابن بطال، أبو الحسن، شرح صحيح البخارى، (الرياض: مكتبة الرشد، الطبعة الثانية، 1423ه).
·       ابن قيم الجوزية، شمس الدين، زاد المعاد في هدي خير العباد، (بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة السابعة والعشرون، 1415ه).
·       البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، (القاهرة: دار الحديث، 1425ه).
·       الطبري، ابن جرير، جامع البيان في تأويل آي القرآن، (بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420ه).
·       القرافي، شهاب الدين، الذخيرة، (بيروت: دار الغرب، 1416ه).
·       العسقلاني، ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، (بيروت: دار المعرفة، 1379ه).
·       مالك بن أنس، موطأ الإمام مالك برواية الشيباني، (دمشق: دار القلم، الطبعة الأولى، 1413ه).


[1] ابن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل آي القرآن، (بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420ه)، ج3، ص417.
[2] ابن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، (بيروت: دار المعرفة، 1379ه)، ج4، ص103.
[3] مالك بن أنس، موطأ الإمام مالك برواية الشيباني، (دمشق: دار القلم، الطبعة الأولى، 1413ه)، ج2، ص200، رقم373.
[4] شهاب الدين القرافي، الذخيرة، (بيروت: دار الغرب، 1416ه)، ج2، ص485.
[5] البخاري، صحيح البخاري، (القاهرة: دار الحديث، 1425ه)، ج2، ص60، رقم2002.
[6] أبو الحسن بن بطال، شرح صحيح البخارى، (الرياض: مكتبة الرشد، الطبعة الثانية، 1423ه)، ج4، ص141.
[7] ابن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل آي القرآن، ج3، ص414.
[8] ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، (بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة السابعة والعشرون، 1415ه)، ج2، ص31.
[9] البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص49، رقم1949.
[10] البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص49، رقم1915.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar